تهم فساد جديدة تلاحق أعضاء حكومة الوفاق

تهم فساد جديدة تلاحق أعضاء حكومة الوفاق

لا يزال وضع حكومة الوفاق الليبية يزداد تأزما، مع تواصل انكشاف مظاهر الفساد التي سادت أوساطها والتي عمقت من مأساة المواطن الليبي الذي يعيش على مدار الأعوام السابقة التي تلت اندلاع الأزمة في البلاد في العام 2011، أوضاعا معيشية صعبة في ظل سوء الخدمات العامة وغياب السيولة وغلاء الاسعار.

 وفي أحدث فصول ملاحقات واتهامات الفساد التي تلاحق مسؤولي حكومة الوفاق، أمر النائب العام في العاصمة الليبية طرابلس الصديق الصور، اليوم الأربعاء، بالقبض على وزير الحكم المحلي السابق بداد قنصو بتهم فساد. وقال بيان لمكتب النائب العام الإعلامي، أن مدير مكتب التحقيقات أصدر أمرًا صباح اليوم الأربعاء، يقضي بالقبض على وزير الحكم المحلي السابق بداد قنصو؛ لاتهامه في قضايا سرقة وتزوير وغسيل أموال خارج ليبيا.

ووجهت لقنصو عدة تهم فساد منذ العام 2018، عن طريق ديوان المحاسبة منها شراء سيارات، ووفق المستندات التي أعلن عنها ديوان المحاسبة، فإن قيمة شراء 4 سيارات مصنعة العام 2015 بلغت 216 ألف دينار (158 ألف دولار) للسيارة الواحدة وبإجمالي 865 ألف دينار (633 ألف دولار) ، في الوقت الذي لا تتجاوز فيه قيمة السيارة في السوق أكثر من 40 ألف دينار.

كما ورد في تقارير جهات رقابية بأن رسالتين صادرتين يوم 18 كانون الأول/ديسمبر 2017، بتكليف وكيل وزارة الحكم المحلي إدريس الشاردة بتوريد هواتف للوزارة بقيمة 98.9 ألف دينار ليبي، وذلك بناء على فاتورتي عرض تلقاها من محل إحداها بقيمة 58 ألف دينار وأخرى بقيمة 40 ألف دينار.

هذا وأصدر رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام في العاصمة الليبية طرابلس، الاثنين الماضي، عدة أوامر قبض بحق عدة مسؤولين في إدارات ومؤسسات تابعة لحكومة الوفاق بتهم تتعلق بالفساد.وبحسب المكتب الإعلامي التابع للنائب العام، فإن أوامر حبس صدرت بحق رئيس لجنة صندوق الرعاية الاجتماعية بوزارة الداخلية في حكومة الوفاق، بتهمة الإخلال بواجباته الوظيفية.

كما أحال مكتب النائب العام الليبي وكيل وزارة المالية ومدير إدارة الحسابات بها إلى غرفة الاتهام بمحكمة طرابلس، وذلك بتهمة الإضرار العمدي الجسيم بالمال العام.بالإضافة إلى صدور أمر  بحبس مدير الإدارة العامة للإنتاج بالشركة العامة للكهرباء، بتهمة التقصير في حفظ وصيانة المال العام.وأمر كذلك بحبس المدير العام لشركة الإنماء للأدوية والمعدات الطبية طرابلس، بتهمة إساءة استعمال السلطة وإلحاق الضرر بالمال العام.وكانت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق، نفذت حملات اعتقال بحقّ وزراء ومسؤولين كبار، بدعاوى تورطهم في قضايا فساد، من بينهم وزير الحكم المحلي ميلاد الطاهر ووكيل وزارته التي أمرت النيابة العامة بحبسهما، على خلفية تهم نهب مال عام تقدّر بعشرات الملايين، وكذلك رئيس المجلس البلدي ببني وليد سلم نوير الذي تم سجنه بعد اختلاسه أموالا مخصّصة للنازحين.

وقرر مكتب النائب العام، تمديد سجن مدير مصرف ليبيا الخارجي محمد بن يوسف، ومدير قطاع الاستثمار بالمصرف، الشارف شلبي، وهو صهر رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، وذلك بتهمة إصدار المصرف ما يقرب من 80 مليون دولار، في استثمارات غير مدرجة، ترتب عنها ضرر جسيم بالمال العام.

وأمر قسم التحقيقات بمكتب النائب العام، في وقت سابق، بحبس وكيل وزارة المالية أبوبكر الجفال بتهم فساد، مشيراً إلى أن الأمر جاء على خلفية اتهام المسؤول بإساءة استعمال السلطة لتحقيق منفعة للغير وإهدار المال العام.كما أمر مكتب النائب العام بحبس مدير إدارة الحسابات بوزارة المالية أحمد المنتصر، على خلفية إساءة استعمال السلطة بتحقيق منفعة للغير وإلحاق ضرر بالمال العام.

وشملت تهم الفساد مؤسسات وأجهزة حكومة الوفاق، حتى التي تزعم أنها تكافحه، حيث أمرت النيابة العسكرية في طرابلس، بالقبض على رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد نعمان الشيخ، بتهمة التورط في التستر على مسؤولين متهمين بالفساد وحمايتهم.وجاء هذا الإجراء ضمن التحقيقات الجارية في القضية رقم 79 للعام 2020، المتعلقة بالتجاوزات المالية بجهاز الطب العسكري.

وكشف ديوان المحاسبة الليبي في اغسطس الماضي، عن واقعة فساد مالي، تدين وكيل وزارة الصحة بحكومة الوفاق محمد هيثم و جهاز الطب العسكري التابع لوزارة دفاع الوفاق.وأوضح الديوان في بيان له أن الأموال التي تم تخصيصها لمواجهة أزمة كورونا تمّ التلاعب بها من طرف مسؤولين بالجهاز قاموا بتمرير معاملات مالية مخالفة للقوانين واللوائح المعمول بها، فضلاً عن اعتماد وصرف أموال دون وجود ما يقابلها من أعمال على أرض الواقع بمشروعات مراكز العزل الصحي داخل بلديات نالوت والزنتان وزوارة.

وكان المجلس الرئاسي، قد رصد ميزانية كبيرة لمواجهة أزمة كورونا تجاوزت النصف مليار دولار، منح جزءً منها إلى جهاز الطب العسكري وكلّفه بصيانة وتحوير وتجهيز مراكز للعزل الصحي في عدد من المناطق الواقعة غرب ليبيا، بالإضافة إلى توريد وتركيب عيادات جاهز للكشف عن الحالات المشتبهة واستيراد سيارات رش المعقمات للبلديات. غير أن هذه المبالغ التي كان من المفترض أن تخصّص لمواجهة كورونا، تمّ تحويل وجهتها وتربّح منها المسؤولون والموظفون.وتشير هذه الاحداث الى تفشي الفساد في اروقة حكومة الوفاق وهو ما اعترف به صراحة فتحي باشا أغا وزير الداخلية بحكومة السراج، في أغسطس الماضي، حين أكد وجود فساد في جميع مؤسسات الدولة بما فيها وزارة الداخلية التي يشغلها.وتابع باشا أغا في تصريحات للصحفيين فور وصوله من أنقرة أنه أول مَن قال "إن وزارة الداخلية فيها فساد، وذلك لمواجهة هذا الفساد ومعالجته".

وبينما يعيش المسؤولون في بذخ كبير يعاني المواطن الليبي من تردي الأوضاع المعيشية في ظل أزمة انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، ومأزق السيولة النقدية، وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار العملات الصعبة وتوقف المصارف، علاوة على تردي الأوضاع الأمنية جراء انتشار المليشيات المسلحة والمرتزقة الموالين لتركيا الذين يعيشون على حساب متطلبات وتلبية احتياجات الليبيين.

وتدفع هذه المعاناة بالمواطن الليبي إلى التعبير عن سخطه لهذه الأوضاع المتردية، حيث شهدت عدة مدن ليبية في أغسطس الماضي مظاهرات، تطالب بإنهاء الفساد المستشري في مفاصل الدولة، ومحاسبة وإقالة المسؤولين عنه.ورفع المتظاهرون في طرابلس العاصمة ومصراتة والزاوية وسبها شعارات مماثلة، تنادي بمعاقبة الفاسدين وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطن.وردد المحتجون  في العاصمة هتافات تنادي بإبعاد كل الطبقة الحاكمة عن المشهد السياسي في ليبيا، محملين إياها مسؤولية ما آلت إليه البلاد.