3 ضربات من مصر حطمت آمال أردوغان.. خط أحمر في سرت وترسيم للحدود مع اليونان

3 ضربات من مصر حطمت آمال أردوغان.. خط أحمر في سرت وترسيم للحدود مع اليونان

لا شك أن مصر وتركيا هما الدولتان الأقوى والأهم بين دول شرق المتوسط. فبينما تعد مصر جسراً يربط بين قارتي آسيا وأفريقيا، تربط تركيا هي الأخرى بين القارتين الآسيوية والأوروبية.

تربط مصر البحر الأبيض المتوسط ​​بالمحيط الهندي، أما تركيا فتعد حلقة الوصل بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود. إلى جانب ذلك، كلاهما يسيطران على اثنين من أكثر الممرات المائية استراتيجية في العالم: قناة السويس، والمضايق.

 

علاقات دون المستوى بين مصر وتركيا

لقد كانت العلاقات بين البلدين دون المستوى خلال سنوات الحرب الباردة، حيث كانتا مثل دولتين تنسى كل منهما الأخرى. وحدث أول اتصال جاد إبان التوترات بين كل من تركيا وسوريا بسبب قضية زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، حيث هددت تركيا، دمشق، بعد ورود معلومات لها تفيد بوجود أوجلان في سوريا. ونتيجة لذلك، جاء الزعيم المصري حسني مبارك، الذي انخرط في الأزمة بعد أن تصاعدت تدريجياً، إلى أنقرة في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 1998 والتقى بالرئيس التركي سليمان ديميريل. ومن ثم، ذهب مبارك إلى دمشق والتقى مع حافظ الأسد، وبادر بطرد أوجلان من سوريا.

 

تحول مع وصول أردوغان للحكم

وبعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002، أدت استراتيجية القوة الناعمة التي اتبعتها تركيا إلى حدوث تطورات تاريخية في العلاقات المصرية التركية، حيث وقع البلدان اتفاقية التجارة الحرة في عام 2005، مما ساهم في حدوث طفرة كبيرة في العلاقات التجارية بين البلدين.

بعد هذا التاريخ، أصبحت الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى متكررة بشكل ملحوظ؛ حتى أنه قد طُرِح على جدول الأعمال مشروع خط الغاز العربي الذي سيبدأ من مصر وصولاً إلى تركيا. وبتلك الطريقة؛ تكون استراتيجية انفتاح مصر على أوروبا عن طريق تركيا، وانفتاح تركيا على أفريقيا عبر مصر قد جرى تفعيلها بشكل ملموس.

 

فترة ود قصيرة

لكن فترة الود بين البلدين استمرت لمدة قصيرة. فعندما تمت الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين، التي استخدمها أردوغان كوكيل له للسيطرة على الشرق الأوسط، من السلطة في عام 2013، أصبحت العلاقات بين البلدين أكثر توتراً مما كانت عليه في السنوات الأخيرة.

قال أردوغان إنه لا يعترف بإدارة السلطة الجديدة في مصر، وإنه يعترف بمحمد مرسي كزعيم شرعي لمصر. كل تلك التطورات دفعت كلا البلدين إلى سحب سفرائهما بشكل متبادل. إلى جانب ذلك، استقر العديد من كبار المسؤولين في جماعة الإخوان المسلمين في تركيا، وبدأت العديد من القنوات التلفزيونية والصحف التابعة لهم تبث في المنطقة من تركيا.

 

تبعات سقوط الإخوان.. وحائط صد عربي منيع

لا شك أن تغيير الحكومة في مصر أزعج كل مخططات أردوغان. فإذا ظل مرسي في السلطة، كان أردوغان حينها سيستغل جماعة الإخوان المسلمين بهدف إجراء تغييرات في الأنظمة الحاكمة في المنطقة.

ونتيجة لذلك، سعت مصر أولاً نحو تشكيل تحالف عربي قوي مع كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وبدأوا سوياً في الوقوف حائلاً وحائط صد منيع أمام المشاريع التركية التي تستهدف المنطقة. علاوة على ذلك، أخذت العلاقات التي أقامتها تركيا مع دول المنطقة في التدهور سريعاً، خاصة بعد أن تعذر إنهاء الحرب الأهلية في سوريا، ودخول روسيا على الخط، بدأ أردوغان في التخلي عن استراتيجية القوة الناعمة والتحول نحو سياسة القوة الغاشمة هذه المرة.

لقد احتل بالفعل الأراضي السورية. إلا أن ذلك أردوغان لم يقف عند هذا الحد، فقد وقع اتفاقيات لإنشاء قواعد عسكرية مع قطر والصومال، كما تدخل وأصبح طرفاً في الحرب الأهلية في ليبيا.

 

مصر وتحجيم تحركات تركيا في المنطقة

إن سياسات تركيا هذه بدأت تثير قلقاً عميقاً في دول المنطقة، وخاصة في مصر. وأخذت الدولة المصرية، التي تعتبر ليبيا خطاً أحمر بالنسبة لأمنها القومي، تخطو خطوات جديدة وفاعلة لمنع تركيا من القيام بأي دور نشط في ذلك البلد.

لقد قامت مصر أيضاً بخطوة ثانية من شأنها تحجيم تحركات أردوغان من المنطقة من خلال إعلانها أن «سرت» و«الجفرة» خطاً أحمر، وتهديها بالتدخل المباشر في ليبيا في حالة الإقدام على عبور ذلك الخط. كما أدت إمكانية مواجهة البلدين وجهاً لوجه إلى حشد وتدخل القوى العظمى الفاعلة في ليبيا. فقد وقعت روسيا، خلال مباحثاتها مع إدارة أنقرة، اتفاقية من شأنها أن توقف تقدم تركيا نحو سرت.

 

سلام ليبيا وبال على تركيا

في وقت لاحق، في 21 أغسطس (آب)، دعا قادة الأطراف المتحاربة في ليبيا، فايز السراج وعقيلة صالح، إلى وقف إطلاق النار. وعلى الرغم من أن وقف إطلاق النار هذا لا يخدم صالح تركيا، إلا أنها لا يمكنها الدخول في مواجهة ضد كل من مصر والولايات المتحدة الأميركية وروسيا وفرنسا والعديد من الدول الأخرى. ومن المرجح جداً أن تعود القوات التركية خالية الوفاض من ليبيا في أعقاب هذه التحركات.

 

اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر واليونان.. ضربة قاسمة لتركيا

أما ثالث خطوة مهمة اتخذتها مصر تجاه تركيا، فقد تمثلت في توقيعها لاتفاقية المنطقة الاقتصادية الخالصة وترسيم الحدود البحرية مع اليونان.

إن مصر، بتلك الاتفاقية، تكون قد ردت الصاع صاعين لأردوغان، بعد الاتفاقية التي وقعها مع حكومة الوفاق الليبية التي تتخذ طرابلس مقراً لها في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المنصرم. فبعد تلك الاتفاقية؛ بدأت اليونان تظهر موقفاً أكثر صرامة ضد تركيا. كما أن اليونان حصلت أيضاً على دعم دول الاتحاد الأوروبي في شرق المتوسط وبحر إيجة، واكتسبت الشجاعة اللازمة لإجراء تغيير جاد في ذاك الوضع المستمر في المنطقة منذ عقود لصالحها على حساب تركيا. فجميع الدول الغربية، خاصة فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، تدعم اليونان الآن بشكل علني. ولا توجد دولة اليوم تتحدث عن حقوق تركيا في بحر إيجة وشرق البحر الأبيض المتوسط.

 

مزاعم أردوغان بالتفاوض مع مصر «فشنك»

ورغم مزاعم أردوغان المتعلقة بالتفاوض مع الإدارة المصرية من خلال أجهزة الاستخبارات، إلا أن مثل هذه التصريحات لا تحدث أي تغيير في موقف مصر تجاه تركيا. وهذا ببساطة يرجع إلى أن كل دول المنطقة، خاصة مصر، تدرك جيداً أن أردوغان لا يمكن الوثوق به والاعتماد عليه، وأنه يستطيع بسهولة غداً إنكار ما يقوله اليوم، هذا إلى جانب أنه يمكنه استخدام القوة والسلطة ضد الدول المعارضة له في حالة إذا ما انقلبت الأمور وصار في موضع القوة.

 

الآمال على موقف عربي قوي في سوريا

ختاماً علينا القول إن تفعيل الدول العربية، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لا سيما مصر، جبهة مناوئة لتركيا في سوريا في الآونة الأخيرة يمكن أن يوجه ضربات خطيرة لأردوغان. لأنه لم يستطع حتى الآن ترسيخ الهيمنة التي يريدها في المنطقة. يمكنه فقط السيطرة على مناطق معينة في شمال سوريا، وهذا أيضا ليس لها أساس قانوني. ومع تغيير التوازنات في المنطقة، يمكن أن تُجْبَر تركيا على الانسحاب من تلك الأراضي.

 نقلا عن تركيا الآن